ولقد شكل هذا النهج الإصلاحي أساسًا راسخًا لمسيرة تنموية شاملة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، والتي أسهمت وتسهم في حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وبناء مجتمع يسوده الأمن والاستقرار، وتحقيق العدل الذي يدعم تطور المسيرة الديمقراطية ونجاح جهود التنمية الشاملة وكذلك دعم الجهود الرامية إلى دعم السلام في المنطقة والعالم، وحفظ السلم والأمن الدوليين وإنماء العلاقات الدولية بين الأمم وتحقيق التعاون الدولي، استهداءً بميثاق الأمم المتحدة والمواثيق الدولية والإقليمية ذات الصلة، ذلك أن مملكة البحرين تؤمن بأنه حيث تحترم حقوق الإنسان يعم السلام والأمان، وتستدام التنمية ويتحقق الازدهار، والمستقبل الأفضل لجميع الشعوب.
وفي هذا الإطار، تتواصل الجهود في مملكة البحرين على الصعيد الدستوري والتشريعي والممارسات. ومن ذلك إقرار ميثاق العمل الوطني في العام 2001م، والذي صوت عليه شعب البحرين في استفتاء شعبي بنسبة 98.4%، وشكل لمملكة البحرين رؤية مستقبلية مبكرة، ودليلاً للعمل الوطني، وخارطة طريق تواكب العصر، والمتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.
كما عزز الدستور المعدل في 2002م، احترام الحقوق والحريات، واستقلالية السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع التعاون فيما بينها، ونص على أن نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي، يكفل فيه القانون الحقوق والحريات بدون تمييز. وقد صدر في عام 2002م، الأمر الملكي السامي بإنشاء المحكمة الدستورية لتكون لبنة أساسية لمراجعة القوانين والتأكد من مطابقتها للدستور.
وفي عام 2011 انطلق حوار التوافق الوطني، الذي شمل عددًا من القضايا السياسية والحقوقية والاجتماعية وكذلك الاقتصادية، وفي كل محور طُرحت العشرات من القضايا عبر المرئيات التي قدمت بشأنها، معظمها تم التوافق عليها من قبل المشاركين. وبعد انتهاء حوار التوافق الوطني رفعت جميع المرئيات المتوافق عليها إلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، باعتباره راعي الحوار نفسه، حيث وجه جلالته إلى تشكيل لجنة مختصة للإشراف على تنفيذ المرئيات المتوافق عليها.
ولتنسيق وتعزيز العمل بين كافة الشركاء في مجال حقوق الإنسان، أصدر صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، قرارًا رقم (35) لسنة 2023 بإنشاء وتشكيل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والتي تختص بالتنسيق بين الجهات الحكومية في كافة المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان بحسب اختصاص كل جهة، وتقوم اللجنة بمراجعة التزامات مملكة البحرين الدولية في مجال حقوق الإنسان، والتأكد من الالتزام بالمعايير الدولية في هذا الصدد.
وتهدف اللجنة إلى التنسيق مع الجهات الحكومية في كافة المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان، وإعداد وتقديم التقارير الوطنية، والرد على النداءات والشكاوى الواردة من الخارج، وإعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان بتعاون كافة الجهات ذات العلاقة وأصحاب المصلحة.
رؤساء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان منذ عام 2012-2023:
وقد حرصت اللجنة على إعداد هذه الخطة بما يتماشى مع مبدأ الشراكة بين جميع أصحاب المصلحة من مختلف الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والأفراد.
وقد وافق مجلس الوزراء في جلسته الاعتيادية الأسبوعية بتاريخ 3 أبريل 2022م على "الخطة الوطنية لحقوق الإنسان"، التي تأتي استكمالاً للجهود التي تبذلها المملكة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وكرامته وحريته كمرتكز أساسي من مرتكزات المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه، ودليلاً على ما توليه الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، من حرص واهتمام لمواصلة الجهود الوطنية لدعم ورعاية حقوق الإنسان وحرياته.
كما نظمت وزارة الخارجية بين عامي 2020-2021، حزمة من المشاورات الواسعة لإعداد الخطة الوطنية لحقوق الإنسان شارك فيها ممثلو السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والآليات الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان والمجتمع المدني ووسائل الإعلام، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمنسق المقيم للأمم المتحدة في مملكة البحرين، ومركز الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة والمخدرات، ومراكز الأبحاث، وبعض البعثات الدبلوماسية المعتمدة في مملكة البحرين، وكذلك تمت استشارة بعض الخبراء الوطنيين والأمميين في مجال حقوق الإنسان، حيث تم عقد 9 ورش عمل شارك فيها أكثر من 1700 مشارك، وقدم بها أكثر من 300 ورقة عمل، وخرجت هذه الورش بأكثر من 300 توصية بمختلف مجالات حقوق الإنسان.
وتنقسم الخطة الوطنية لحقوق الإنسان لأربعة محاور رئيسية وهي: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حقوق الفئات الأولى بالرعاية، حقوق التضامن، ويندرج تحت المحاور 17 هدفًا رئيسيًا و34 هدفًا فرعيًا و102 مشروعاً والتي تشكل الإطار التنفيذي للخطة، وتنقسم فئات المشاريع لثلاث فئات رئيسية هي: التشريع، بناء قدرات، وتطوير مؤسسات.
وقد حرصت وزارة الخارجية على تشكيل فريق تنسيق معني بمتابعة تنفيذ الخطة تحت إشراف اللجنة التنسيقية العليا لحقوق الإنسان، كما حرص الفريق على التواصل البناء مع مختلف الجهات الرئيسية.
وبحسب الخطة، وجب إعداد تقارير سنوية يصدرها الفريق المنسق للخطة والمتضمنة لكافة الإحصاءات الخاصة بما تلقاه الفريق من تنفيذ للمحاور من قبل الجهات الرئيسية والمشاركة، حيث تضمن التقرير الأول مراحل سير الخطة وما تم إنجازه من مشاريع للعام 2022م والتي بلغ عددها (14) مشروعًا، نفذت من قبل (12) جهة.
كما تم عرض مسودة التقرير السنوي للخطة على مكتب المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة لدى مملكة البحرين والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وجمعية الحقوقيين البحرينية كجهات محايدة لإبداء مرئياتها على التقرير، وقد تم الأخذ بجميع الملاحظات والمقترحات من قبل هذه الجهات وإضافتها إلى التقرير.
وخلال العام 2023م سيتم تنفيذ (26) مشروعًا، من قبل (15) جهة خلال الفترة من 1 يناير ولغاية 31 ديسمبر 2023م.
كما دشنت وزارة الخارجية منصة إلكترونية داخلية للربط بين الجهات المعنية لمتابعة الموضوعات الخاصة بحقوق الإنسان، حيث تحتوي هذه المنصة على جميع مشاريع الخطة، ويتم تحديثها باستمرار من قبل الجهات الرئيسية والشركاء في تنفيذ هذه المشاريع، بالإضافة إلى نبذة عن المشروع، وأهميته ومؤشراته والأهداف المنوطة به، والجهات والشركاء المعنيين بتنفيذه، حيث قامت الجهات الرئيسية بتحديث المشاريع الخاصة بها، مع إرفاق جميع المستندات الخاصة بكل مشروع.
وخلال مناقشة التقرير الوطني الرابع ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، أشاد ممثلو (80) دولة من أصل (92) من الدول الأعضاء في مداخلاتهم بإقرار الحكومة الموقرة للخطة الوطنية لحقوق الإنسان وما حققته المملكة من إنجازات بارزة في مجال حماية حقوق الإنسان، ومنها: تطبيق قانون العقوبات والتدابير البديلة، وتأسيس الآليات اللازمة لضمان حماية حقوق الإنسان وحرياته، والتوسع في تقديم أفضل الخدمات للفئات الأولى بالرعاية، وتطوير المنظومة التشريعية.
ويشمل التقرير عرضًا مفصلاً لأهم المستجدات وأحدث المعلومات المتعلقة بالجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان، وليشكل مرجعًا متكاملاً يتم الاستناد إليه في إبراز منجزات مملكة البحرين الحقوقية في مختلف المحافل المحلية والإقليمية والدولية.
واستعرض وفد مملكة البحرين خلال الجلسة النجاح والتقدم الكبير الذي توصلت إليه المملكة في مجال احترام وحماية وتعزيز حقوق الإنسان وحرياته في شتى المجالات والميادين، وذلك كثمرة من ثمار النهج الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه مؤداها احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون والعدالة وحقوق التضامن في إرساء قيم التسامح والتعايش السلمي ودعم التنمية المستدامة.
والجدير بالذكر، إن الاستعراض الدوري الشامل هو عملية فريدة تنطوي على استعراض سجلات حقوق الإنسان الخاصة بجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وهو فرصة لتلك الدول للإعلان عن الإجراءات التي اتخذتها لتحسين أحوال حقوق الإنسان في بلدانها والتغلب على التحديات التي تواجه التمتع بحقوق الإنسان.
فقد انضمت إلى 7 اتفاقيات من الاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، وهي كالتالي:
بالإضافة إلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية، والتي صادقت المملكة على عشر اتفاقيات، بينها خمس من الاتفاقيات الأساسية الثمان المعتمدة في المنظمة.
كما وإن المملكة مستمرة في بذل قصارى جهدها في تقديم التقارير الدورية الخاصة باللجان والمعاهدات في مواعيدها، إلى جانب التعاون مع المفوضية السامية التابعة لمجلس حقوق الإنسان والتفاعل مع كافة المراسلات والاستفسارات والنداءات العاجلة وتساؤلات الإجراءات الخاصة من حاملي الولايات.
كما وتعمل المملكة على وضع آلية بين جميع ذوي المصلحة للعمل على تنفيذ التوصيات التي تستقبلها في خلال جلسات مناقشة التقارير، وفق جداول زمنية واضحة وخلال الفترة المحددة.